((وَيْلٌ)) هي كلمة تقال لبيان سوء الحال المقولة فيه ((لِّكُلِّ هُمَزَةٍ)) هو الكثير الطعن على الناس بغير حق- العائب لهم، وأصل الهمز الكسْر، فكأن العائب يكسر الشخص ويهدم شوكته ((لُّمَزَةٍ)) هو المغتاب للناس، وهما وصفان بمعنى "هماز" و"لماز".
((الَّذِي جَمَعَ مَالًا)) من هنا وهناك ((وَعَدَّدَهُ)) أي أحصاه ليرى كم زاد، وهذا صورةٌ للإنسان الشره المنحط النفس الذي يدأب في جمع المال ويعيب الناس كلهم بلا استثناء.
((يَحْسَبُ)) أي يظن ((أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ)) أي يبقيه في الدنياً ويمنعه من الحوادث، فإن كل حادث ينوبه يدفع بالمال رشوة أو نفاقاً لدفع جريمةٍ عملها أو مرض جاء إليه أو ما أشبه، والمراد أن فعله فعل من يحسب ذلك، وإن كان كل إنسان يعلم بالموت، ويدري أنه لا مفر له.
((كَلَّا)) ليس الأمر على ما توهم، من أنه ذو مال مرح إلى الأبد وإنه خالد لماله، ((لَيُنبَذَنَّ)) أي يطرحن هذا الهمزة اللمزة طرحاً بدون مبالاة واعتناء ((فِي الْحُطَمَةِ))، اسم من أسامي جهنم، سميت بها لأنها تحطم كل شيء وتكسره، فتحطم النار كيانه وكبرياءه.
((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها الإنسان، أو أيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ((مَا الْحُطَمَةُ))؟ وهذا لتفخيم شأنها، وإنها لا تدرك إلا إذا شاهدها الإنسان.
ثم جاء البيان لها بقوله: هي ((نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ))، وكم يقدّر الإنسان عظمة النار التي يوقدها ويؤججها الله سبحانه الذي هو أقدر القادرين للنكال والعقاب.
((الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)) جمع فؤاد، أي تشرف على القلوب لتحرق مكان انبعاث السخرية وحب المال وتعداده بلا إنفاقه في سبيل الله وفي وجه الخير.
((إِنَّهَا)) أي الحطمة ((عَلَيْهِم)) أي على هؤلاء المجرمين ((مُّؤْصَدَةٌ)) فتغلق أبوابها عليهم لييأسوا من الخروج، من أوصد الباب بمعنى أغلقه.
((فِي عَمَدٍ)) جمع عامود ((مُّمَدَّدَةٍ)) أي موثقين في أعمدة ممدودة، فقد اعتاد الملوك السابقون أن يربطوا رِجل المجرم بعمود ممدود مبني في الأرض أو في الحائط لئلا يفر، وهذا لزيادة النكال والعذاب.