فإنما سميت ذات الرقاع لأنه جبل فيه بقع حمر وسواد وبياض . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة السبت لعشر خلون من المحرم على رأس سبعة وأربعين شهرا . وقدم صرارا يوم الأحد لخمس بقين من المحرم وغاب خمس عشرة .
فحدثني الضحاك بن عثمان ، عن عبيد الله بن مقسم ، وحدثني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن جابر وعن عبد الكريم بن أبي حفصة عن جابر وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر ، عن عبد الله بن أبي بكر ، ومالك بن أنس ، وعبد الله بن عمر ، عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله ، وقد زاد بعضهم على بعض في الحديث وغيرهم قد حدثني به قالوا : قدم قادم بجلب له فاشترى بسوق النبط وقالوا : من أين جلبت جلبك ؟ قال جئت من نجد وقد رأيت أنمارا وثعلبة قد جمعوا لكم جموعا ، وأراكم هادين عنهم .
فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم قوله فخرج في أربعمائة من أصحابه وقال قائل كانوا سبعمائة أو ثمانمائة . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، حتى سلك على المضيق ثم أفضى إلى وادي الشقرة فأقام به يوما ، وبث السرايا فرجعوا إليه مع الليل وخبروه أنهم لم يروا أحدا وقد وطئوا آثارا حديثة .
ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى أتى محالهم فيجدون المحال ليس فيها أحد ، وقد ذهبت الأعراب إلى رءوس الجبال وهم مطلون على النبي صلى الله عليه وسلم . وقد خاف الناس بعضهم بعضا ، والمشركون منهم قريب وخاف المسلمون أن يغيروا عليهم وهم غارون . وخافت الأعراب ألا يبرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستأصلهم . وفيها صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف
فحدثني ربيعة بن عثمان عن أبي نعيم عن جابر بن عبد الله ، قال فكان أول ما صلى يومئذ صلاة الخوف وخاف أن يغيروا عليه وهم في الصلاة وهم صفوف . فحدثني عبد الله بن عثمان عن أخيه عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات عن أبيه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صلاة الخوف فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة وطائفة خلفه وطائفة مواجهة العدو فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة وسجدتين ثم ثبت قائما فصلوا خلفه ركعة وسجدتين ثم سلموا ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين والطائفة الأولى مقبلة على العدو فلما صلى بهم ركعة ثبت جالسا حتى أتموا لأنفسهم ركعة وسجدتين ثم سلم
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب في محالهم نسوة وكان في السبي جارية وضيئة كان زوجها يحبها ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة حلف زوجها ليطلبن محمدا ، ولا يرجع إلى قومه حتى يصيب محمدا ، أو يهريق فيهم دما ، أو تتخلص صاحبته .
فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره عشية ذات ريح فنزل في شعب استقبله فقال من رجل يكلؤنا الليلة ؟ فقام رجلان عمار بن ياسر وعباد بن بشر ، فقالا : نحن يا رسول الله نكلؤك . وجعلت الريح لا تسكن وجلس الرجلان على فم الشعب ، فقال أحدهما لصاحبه أي الليل أحب إليك ، أن أكفيك أوله فتكفيني آخره ؟ قال اكفني أوله . فنام عمار بن ياسر ، وقام عباد بن بشر يصلي ، وأقبل عدو الله يطلب غرة وقد سكنت الريح فلما رأى سواده من قريب قال يعلم الله إن هذا لربيئة القوم ففوق له سهما فوضعه فيه فانتزعه فوضعه ثم رماه بآخر فوضعه فيه فانتزعه فوضعه ثم رماه الثالث فوضعه فيه فلما غلب عليه الدم ركع وسجد ثم قال لصاحبه اجلس فقد أتيت فجلس عمار فلما رأى الأعرابي أن عمارا قد قام علم أنهم قد نذروا به . فقال عمار أي أخي ، ما منعك أن توقظني به في أول سهم رمى به ؟ قال كنت في سورة أقرأها وهي سورة الكهف ، فكرهت أن أقطعها حتى أفرغ منها ، ولولا أني خشيت أن أضيع ثغرا أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انصرفت ولو أتي على نفسي
ويقال الأنصاري عمارة بن حزم . قال ابن واقد : وأثبتهما عندنا عمار بن ياسر .
فكان جابر يقول إنا لمع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فأقبل أبواه أو أحدهما حتى طرح نفسه في يدي الذي أخذ فرخه . فرأيت الناس عجبوا من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا الطائر ؟ أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه والله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه