سار إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة فحاصرهم خمسة عشر يوما ، ثم انصرف يوم الخميس لسبع خلون من ذي الحجة سنة خمس . واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم .
قالوا : لما انصرف المشركون عن الخندق ، وخافت بنو قريظة خوفا شديدا ، وقالوا : محمد يزحف إلينا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤمر بقتالهم حتى جاء جبريل - عليه السلام - . وكانت امرأة نباش بن قيس قد رأت والمسلمون في حصار الخندق ، قالت أرى الخندق ليس به أحد ، وأرى الناس تحولوا إلينا ونحن في حصوننا قد ذبحنا [ ذبح ] الغنم . فذكرت ذلك لزوجها ، فخرج زوجها فذكرها للزبير بن باطا ، فقال الزبير ما لها لا نامت عينها ، تولي قريش ويحصرنا محمد والتوراة ، ولما بعد الحصار أشد منه
قالوا : فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق دخل بيت عائشة - رضي الله عنها - فغسل رأسه واغتسل ودعا بالمجمرة ليجمر وقد صلى الظهر وأتاه جبريل على بغلة عليها رحالة وعليها قطيفة على ثناياه النقع فوقف عند موضع الجنائز فنادى : عذيرك من محارب قال فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزعا فقال ألا أراك وضعت اللأمة ولم تضعها الملائكة بعد ؟ لقد طردناهم إلى حمراء الأسد ، إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم .
ويقال جاءه على فرس أبلق . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا - عليه السلام - فدفع إليه لواء وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق ، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأذن في الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم ألا تصلوا العصر إلا ببني قريظة
ولبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلاح والمغفر والدرع والبيضة وأخذ قناة بيده وتقلد الترس وركب فرسه وحف به أصحابه وتلبسوا السلاح وركبوا الخيل وكانت ستة وثلاثين فرسا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم قد قاد فرسين وركب واحدا . يقال له اللحيف فكانت ثلاثة أفراس معه . وعلي - عليه السلام - فارس ، ومرثد بن أبي مرثد .
وفي بني عبد مناف : عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فارس ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وعكاشة بن محصن فارس ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والزبير بن العوام .
ومن بني زهرة : عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص .
ومن بني تيم : أبو بكر الصديق ، وطلحة بن عبيد الله .
ومن بني عدي : عمر بن الخطاب .
ومن بني عامر بن لؤي : عبد الله بن مخرمة .
ومن بني فهر : أبو عبيدة بن الجراح .
ومن الأوس سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ومحمد بن مسلمة وأبو نائلة وسعد بن زيد .
ومن بني ظفر : قتادة بن النعمان .
ومن بني عمرو بن عوف : عويم بن ساعدة ومعن بن عدي وثابت بن أقرم ، وعبد الله بن سلمة .
ومن بني سلمة : الحباب بن المنذر بن الجموح ، ومعاذ بن جبل ، وقطبة بن عامر بن حديدة .
ومن بني مالك بن النجار : عبد الله بن عبد الله بن أبي . وفي بني زريق رقاد بن لبيد وفروة بن عمرو ، وأبو عياش ومعاذ بن رفاعة .
ومن بني ساعدة : سعد بن عبادة .
فحدثني ابن أبي سبرة عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه والخيل والرجالة حوله فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفر من بني النجار بالصورين فيهم حارثة بن النعمان ، قد صفوا عليهم السلاح فقال هل مر بكم أحد ؟ قالوا : نعم دحية الكلبي مر على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من – 499 – إستبرق فأمرنا بلبس السلاح فأخذنا سلاحنا وصففنا ، وقال لنا : هذا رسول الله يطلع عليكم الآن .
قال حارثة بن النعمان : فكنا صفين ، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك جبريل فكان حارثة بن النعمان يقول رأيت جبريل من الدهر مرتين - يوم الصورين ويوم موضع الجنائز حين رجعنا من حنين . وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة فنزل على بئر لنا أسفل حرة بني قريظة ، وكان علي - عليه السلام - قد سبق في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم أبو قتادة .